:::: البكاء الصامت ::::
بعض الدموع غالٍ ... و معظمها رخيص
بعض الدموع صادق ....و معظمها تمثيل و جلَّسرين
وهي في صدقها أو زيفها لغة عالمية مفهومة بلا قاموس أو دروس
يفهمها الصادقون و يدركها النصابون
ثم يعمل كلٌ منهم وفقا لرسالتها في قلبه أو أثرها على جيبه
هذا مايقوله الكاتب الأستاذ / محمد حسن الألفي في كتابه " الجسد الخائن"
والذي يقول فيه أيضاً أن "دموع المرأة هي قمة القوة
بينما دموع الرجل هي انهيار جبل !!"
والعين لاتبكي إلا إذا بكى القلب والقلب لايبكي إلا إذا اشتد وقع الهم عليه ,
والهم هو الحمل الثقيل على القلب الذي يطبق على الصدر
فيجعل النَفَس الداخل مستحيلاً والخارج معجزة
عند ذلك ..... تنطلق الدموع
لكن ليس كل الرجال قادرين على البكاء
بل ومن النساء من تعز عليهن الدموع
على أن البكاء الناجم عن سبب هو بكاء مريح في معظم الأحيان
لكن البكاء بدون سبب هو المشكلة أصلاً والعذاب المضاعف
ومع ذلك ...
ليست كل الدموع خيراً ؛ فهناك نقطة تصبح فيها الدموع ضرراًَ وشراً
ففي بعض النساء تنفتح العين من شدة البكاء
كما أن البكاء المتصل الحزين يُذهب النظر !!
وعدم البكاء أيضاً يعني انحباس الشعور وتحجره
فينعكس قرحةً وصداعاً وألماً في المفاصل وأوجاعاً في الأمعاء
تثور من آنٍٍ لآخر بلا سبب .
إلا أن أصعب الدموع هي التي تنهمر أمام الغرباء ...
أو دموع المذلة والتقريع ...... وأعز الدموع دموع الشوق والانتظار .
أما أشدها صدقاً وهواناً على صاحبها
فهي دموع استعطاف قلب طرأت عليه صفات الصلب المقوى .
وإن كنا ربينا على أن الدموع عيب وأن الرجل لايبكي لأنه هو القوة
والقوي لايناله الضعف ولا تدمع له عينان
نجد أن المرأة لطبيعة فطرية ونفسية خلقت بها هي الأسرع تأثراً
والأسرع بكاءً من الرجل ودموعها وإن عبرت عن قمة لحظات الضعف الإنساني لديها
هي سلاحها الأمضى والأشد فتكاً وضراوة
أما الرجل فقد أجمع أغلب المحللين على أن بكائه أمرُ شائك محير
إذ أنه يختلف من رجلٍ لآخر ويرتبط ارتباطاً وثيقاً
بالعادات والبيئات والمهن والثقافات
فالرجل المتجمد المشاعر من النادر أن تنسكب دموعه
فبكاؤه عزيز ولا ينطلق بسهوله .
لكن الفنان مثلاً .....
يقف عاجزاً ولا يستطيع كبح جماح دموعه أمام مشهد طفلٍ يتيم أو معاقٍ يبكي
كذلك ينهار الشاعر المرهف الحس تأثراً لمرأى شعاعات الغروب الذهبية
والكاتب الأديب الذي يبتكر شخصياته وينسج لها خطوط سعادتها أو شقائها
يبكي أحياناً أمام لوحته المكتوبة عند استحكام الأزمات والمآسي لأبطالها